اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
149532 مشاهدة print word pdf
line-top
نماذج من التفسير بالرأي

يظهر هذا كثيرا في تفسير كثير من المتكلمين كتفسير البيضاوي وأبي السعود والنسفي .
هؤلاء يفسرون القرآن بالرأي ولا يذكرون أدلة، أعطاهم الله تعالى فصاحة ومعرفة باللغة؛ فصاروا يحملونه على ما يفهمونه دون أن يرجعوا إلى أسباب النزول، أو دون أن يرجعوا إلى أقوال السلف الذين أنزل القرآن في عهدهم والذين هم أعلم بمعانيه.
الأولون راعوا المعنى الذي رأوه من غير نظر إلى ما تستحقه ألفاظ القرآن من الدلالة والبيان، يعني: كهؤلاء المبتدعة, يعني: كالخوارج والمعتزلة والروافض ونحوهم. المعنى الذي رأوه واعتقدوه راعوه من غير نظر إلى ما تستحقه ألفاظ القرآن، وألفاظ القرآن واضحة الدلالة وواضحة البيان؛ ولكن لما كان هؤلاء مخالفين في الاعتقاد عند ذلك حملوا الآيات ما لا تحتمله وحرفوا الكلم عن مواضعه.
ذكر شيخ الإسلام في موضع من كتبه أن المعتزلة فسروا قول الله تعالى: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا قالوا: كلمه: جرحه بأظافير الحكمة، فنفوا ما يعتقدونه من أن الله تعالى لا يتكلم، نفوا ظاهر الآية بناء على ما يعتقدونه ونسوا دلالات الآيات ونسوا سياق الآيات، ونسوا الآيات الأخرى التي تصرح بخطأ ما قالوه.
وهي آيات كثيرة مثل آيات النداء وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ والنداء كلام. ومثل قوله تعالى: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فلما كانوا يعتقدون أن الله تعالى لا يتكلم ثقل عليهم معنى هذه الآية.
فبعضهم حاول أن يحرف اللفظ، جاء واحد منهم إلى أبي عمرو أحد القراء السبعة، وقال: أريد أن تقرأ هذه الآية: ( وكلم اللَّهَ موسى تكليما ) أي: موسى هو الذي كلم الله، ولكن أبا عمرو رحمه الله قال له: هب أني أو أنت قرأت هذه الآية كذلك فكيف تصنع بقول الله تعالى: وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ؟ فبهت ذلك المعتزلي؛ لأن هذه الآية لا يمكن تحريفها فحرفوها بأن قالوا: كلمه جرحه، ونسوا قوله: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي ونسوا أو تناسوا آيات النداء وأمثلة تحريفهم كثيرة.

line-bottom